ليس ببعيد عن معتمدية كسرى التابعة لولاية سليانة، وتحديدا على بعد حوالي 20 كم ،لا يزال متساكنو منطقة الفج متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم فلم تثنيهم أزمة “الكورونا ” ولا حتى الحجر الصحي الشامل على إعداد “شربة المرمز” استعدادا لشهر رمضان تلامس اصابع الخالة توزر حبات الشعير اللين وببراعة اكتسبتها على مدى سنوات عديدة تعالج هذا الشعير اللين لتحوله إلى مادة أساسية بنية اللون ،متناسقة ومتساوية الحبات.. هي “المرمز” أو كما يطلق عليها” شربة الشعير ” وهي الاكلة التي تتميز بها ولايات الشمال الغربي خاصة و جل موائد الإفطار في شهر رمضان عامة الخالة توزر تتفانى منذ صغرها في إعداد “المرمز” وأصبحت من الخبيرات في هذا المجال وذلك بشهادة أقربائها “فاطمة” و”ربح” وفضيلة اللواتي يتشاركن دائما في إعداد مثل هذه الاكلات التقليدية المهددة بالاندثار.. اعداد “شربة الشعير” وما يميزه من اجواءخاصة اضحى العالم الصغير لهؤلاء النسوة ،وفق ما ذكرته الخالة “توزر” لمراسلة وكالة تونس افريقيا للانباء بالجهة مبينة ان سكان القرى المتاخمة للجبال يقبلون على اقتناء حاجياتهم من هذا النوع المتميز من الشربة قبل أيام معدودة من شهر رمضان لتكون بذلك مصدر رزق الكثيرين ..غير أن ندرة الشعير هذه السنة وانتشار فيروس”كورونا” سيحولان دون ن تلبية طلبات المقبلين على شربة الشعير بالكميات المطلوبة وفق الخالة توزر.. يوم تحضير”شربة الشعير”تستفيق هذه المرأة الريفية في الساعات الأولى من الفجر لتقضي شؤونها باكرا كما أوصتها بذلك والدتها.. بوشاح اخضر اعتقادا منها بأن هذا اللون مصدر رزق أعدت الخالة توزر مايلزمها من غرابيل و “الرحى”(الة رحي تقليدية ) وبقية مستلزماتها واستدعت أقربائها اما عن طريقة إعداد شربة الشعير،ذكرت الخالة”توزر ” أنه يتم قطف “الفريك” اي الشعير اللين من الحقول ويمكن أيضا جمعه باستعمال الة حصاد ثم يتم دقها بواسطة عصى على سطح اسمنتي ثم تنقيته من الشوائب ثم تفويره في اناء كبير الخالة توزربعد ان ذكرت بالااهازيج والاغانيىالتي تميز المنطقة والتي كانت ترددها النسوة في مثل هذه المناسبات واصلت حديثها قائلة ” يتم في ما بعد تجفيف الشعير في الهواء الطلق ثم تنظيفه للمرة الثانية وقليه في وعاء من الفخار ثم رحيه في الرحى(الة رحي تقليدية ) او في المطحنة العصرية ثم يتم غربلته وتصفيته للمرة الثالثة وتنقيته مجددا تقول ملكة “شربة الشعير ” أن إعداد “المرمز” يتطلب مهارات لا تمتلكها كل النساء ولذلك فإن البعض منهن فقط احترفن هذا العمل وبرعن فيه وفي الاثناء وفي هذه الأجواء تدخل بين الفينة والأخرى الخالة ربح حاملة إبريق شاي احمر ومع كل إبريق تتعالى الضحكات لعلها تنسيهم الأخبار الحزينة العالمية المؤلمة بسبب الماسي التي يعلفها وباء “كوفيد-19” وقبل المغادرة،تصر الخالة توزر على تناول “شربة الشعير “وتحرص كذلك وكما دأبت على ذلك كل سنة على تقديم هذا الطبق التقليدي لكل جيرانها ترسيخ لعادة قديمة توارثها الاباء عن الأجداد.
وات