كشف الرئيس السابق لمجلس نواب الشعب محمد الناصر في كتابه الصادر مؤخرا عن دار النشر ” ليدرز” تحت عنوان ” جمهوريتان .. تونس واحدة” والذي خصصه لسيرته الذاتية ولمذكراته واسرار مختلف المراحل والمناصب التي تقلدها ـ تفاصيل الخميس الاسود.
الناصر تحدث عن يوم 27 جوان 2019 والذي شهدت خلاله تونس عملية ارهابية في قلب شارع الحبيب بورقيبة ونقل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الى المستشفي العسكري بعد تعكر حالته الصحية.
يقول محمد الناصر في كتابه ان نسق العمل في البرلمان وخلال الدورة البرلمانية الخامسة تسبب له في ارهاق جعله يسمح لنفسه براحة بأسبوع وأنّه تحوّل الى جبل الوسط وعهد الى نائبه عبد الفتاح مورو بتعويضه وانه تعرض خلال اقامته بجبل الوسط الى وعكة صحية تطلبت نقله الى مصحة بالعاصمة ووضعه تحت المراقبة الصحية طيلة 24 ساعة.
وشدد الناصر على انه خضع لعدة فحوصات طبية قال انها اكدت انه لا يشكو من اي شي خطير وعلى أنّ طبيبه المباشر اعلمه بأنّه يشكو من ارهاق وأوصاه بمواصلة الخلود للراحة اياما اخرى . ولفت الى انه بناء على ذلك عاد الى منزله وانه لما كان يشعر بتحسّن في حالته فكّر في العودة الى مكتبه بعد نهاية الاسبوع اي يوم 1 جويلية.
وكشف انه يوم الخميس الاسود أ اي يوم 27 جوان تم اعلامه عن طريق احد المكلفين بتأمين حمايته من الامن الرئاسي بأنّ عملية ارهابية جدّت في العاصمة وأنّه علم قبلها عن طريق ارسالية من وزير الدفاع الوطني انه تم نقل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الى المستشفى العسكري .
وفي نفس اليوم ، قال ان مدير ديوانه اتصل به هاتفيا واعلمه بأنّه لاحظ تحركات غير عادية في صفوف النواب وتجمع امام مكتب النائب الأول لرئيس البرلمان ، وانه في نفس الوقت تقريبا ابلغه وزير الدفاع الوطني انذاك عبد الكريم الزبيدي رسالة يطلب فيها منه العودة لمباشرة نشاطه في اقرب وقت ممكن كرئيس للبرلمان .
واكد الناصر ان ذلك ما حصل فعلا وانه لما كان في طريقه الى قصر باردو هاتفه النائب الاول لرئيس مجلس النواب عبد الفتاح مورو وانه اعلمه بعد سؤاله عن حالته الصحية ، بأنّ بعض “الزملاء النواب” طلبوا عقد اجتماع عاجل لمكتب المجلس وان مورو لم يفصح عن اي شيء اخر لا عن موضوع الاجتماع ولا عن سببه .
وابرز انه رد على مورو بالتاكيد على أنه في طريقه الى مجلس نواب الشعب وانه دعاه بألّا يُقدموا على أيّ شيء قبل وصوله.
وكشف الناصر انه فوجئ لدى وصوله وتحديدا امام بهو مكتبه بتجمع غير مسبوق من نواب ينتمون في غالبيتهم لكتلتي النهضة وتحيا تونس وانه لم ير من قبل مثل ذلك التجمع مشيرا الى انه لاحظ استغرابهم من قدومه ومن عودته متعافيا وفي صحة جيدا.
وقال ان ما زاد في استغرابه ان عددا من النواب كانوا مرفوقين بنسخ من الدستور .
وابرز ان عدة تساؤلات جالت بخاطره وقتها حول سبب تجمعهم غير العادي وعن نواياهم وعن سبب حملهم نسخ من الدستور وعن سبب استغرابهم من مشاهدته في صحة جيدة .
واكد ان كل الاسئلة جالت بخاطره وهو يصافحهم الواحد تلو الاخر مستدركا بالتشديد على انه تجنب مطالبتهم بأيّة توضيحات بخصوص وجودهم وانه تظاهر بعدم ملاحظة اي شيء غريب وغير عادي على وجوههم وفي تجمعهم امام مكتب نائب رئيس البرلمان وانه شكرهم على حرارة الاستقبال وعلى حرصهم على وضعه الصحي.
ولفت الى انه فهم ان حضوره غير المنتظر وهو في صحة جيدة فاجأ وضايق العدد الكبير من النواب الذين كانوا متجمعين امام مكتب مورو وانه فهم ايضا ان لحضورهم علاقة بتطبيق فصول من الدستور.
وشدد على ان الزبيدي اكد له في ما بعد ان هدف نواب النهضة وتحيا تونس كان عقد جلسة عامة استثنائية خارقة للعادة لإقرار الشغور في منصب رئيس الجمهورية نتيجة وضعه الصحي وتعويضه برئيس الحكومة انذاك يوسف الشاهد استنادا الى الفصل 84 مذكرا بنصه.
في سياق متصل ذكّر بانه في غياب المحكمة الدستورية كانت لمجلس نواب الشعب باعتباره مؤسسة سيادية كل الصلاحية لاقرار الشغور الوقتي في منصب رئاسة الجمهورية.
ولفت في كتابه الى انه كان بإمكان يوسف الشاهد باعتبار انه يملك الاغلبية المطلقة في مجلس النواب الصعود مؤقتا دون ايّة صعوبة الى منصب رئيس الجمهورية مرجحا ان يكون هذا هو السيناريو الذي فكر فيه نواب الاغلبية ( النهضة وتحيا تونس) والذي قال ان حضوره المفاجئ يومها اجهضه مشيرا الى ان استنتاجه يبقى فرضية لا غير.
وقال انه اتصل في ما بعد بوزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي للإستفسار عن صحة رئيس الجمهورية وأنّ الزبيدي طمأنه عليها وطلب منه ايضا ان ينقل للنواب تحيات رئيس الجمهورية.
وابرز انه عقد بعد ذلك اجتماعا لمكتب المجلس وانه نقل لاعضائه تحيات رئيس الجمهورية وانه طمأنهم على صحته مؤكدا انه لم يتم التطرق خلال الاجتماع الى اسباب حضورهم المكثف والمفاجئ .