قال الخبير في الاقتصاد والأسواق المالية، معز حديدان، إن تونس دخلت مع تخفيض وكالة “موديز” لترقيمها السيادي، أمس الجمعة، المنعرج الفاصل قبل بلوغ مرحلة عدم الوفاء ببعض تعهداتها المالية و إن الأمر يحتاج إلى إطلاق الإصلاحات فورا”.
وخفضت وكالة “موديز”، التصنيف السيادي لتونس من “caa1″ إلى”caa2″ مع آفاق سلبية وتصنيف البنك المركزي التونسي، المسؤول قانونيا عن المدفوعات المتعلقة بكل سندات الخزينة، إلى”caa2” مع آفاق سلبية.
وأكد حديدان أن تونس دخلت بوتقة تصنيفات الخانة “caa” ولم تبق سوى خانات محدودة للوصول إلى التصنيف “c” =(الدرجة 18 على 21 في سلم مقياس موديز).
ويعني التصنيف في خانة”Caa2″ أن الدولة التونسية والبنك المركزي معرضان إلى مخاطر عالية على مستوى إمكانية عدم القدرة على الإيفاء بالالتزامات المالية.
وأكد حديدان أن الدولة أن لم تستطع تنفيذ الإصلاحات المطلوبة بشكل تشاركي، من خلال تقليص الفجوة بين رؤى المنظمات الاجتماعية وبقية الهياكل ورئاستي الجمهورية والحكومة، والخيار الوحيد، الذي يبقى أمامها، هو منح السلطة التنفيذية، القوة لتخوض الإصلاحات بمفردها.
واعتبر الخبير أن إقدام “موديز” على تخفيض التصنيف السيادي سبقته تحذيرات أصدرتها يوم 30 سبتمبر 2022 والتي وضعت ترقيم تونس السيادي قيد المراجعة السلبية.
وراجعت “موديز” تصنيف تونس نحو التخفيض، الجمعة، اثر بروز تهديدات تتصل بعدم قدرة على الحصول على تمويلات خارجية وغياب تمويل كامل. واعتبرت بالتالي أن التصنيف السابق لم يعد يتماشى مع الوضع الحالي للمخاطر.
وستجابه تونس بفعل التصنيفات الممنوحة للترقيم السيادي صعوبات في النفاذ إلى التمويلات الخارجية. علما أن التصنيف السيادي يوجه في العادة إلى الأسواق المالية والحال أن وضعية تونس حالت دون خروجها إلى هذه الأسواق، وفق حديدان.
وبين الخبير أن التصنيف الجديد يحيل إلى أن الدولة التونسية لديها مخاطر ويمكن آن تجابه صعوبات قد تجعلها في وضعية التخلف عن تسديد بعض الديون.
واعتبرت “موديز” ان المزيد من التأخير في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يمكن أن يؤدي إلى تآكل احتياطات النقد الأجنبي لتونس من خلال سحب مدفوعات خدمة الدين.
ولاحظ أن ذلك سيؤدي إلى تفاقم مخاطر ميزان المدفوعات واحتمال طلب تونس إعادة هيكلة ديونها والذي سيؤدي إلى خسائر لدائني القطاع الخاص.
وعقّب حديدان على ملاحظات “موديز” بشان جدولة الديون بالقول: “ان الأمر قد يدفع تونس إلى اللجوء إلى نادي باريس لهيكلة الديون الثنائية ونادي لندن لهيكلة ديون الأسواق المالية”.
وتجاوز حجم الدين العمومي 2ر110 مليار دينار، خلال الأشهر التسعة من سنة 2022، أي بارتفاع بنسبة 8 بالمائة، مقارنة مع شهر سبتمبر 2021 وفق بيانات حكومة تعود إلى 17 ديسمبر 2022
واعتبر حديدان أن الآفاق السلبية التي لازمت التصنيف الجديد لتونس تشير إلى أن احتمال التخلف عن سداد الديون يبقى قائما إلا في صورة نجاح البلاد في فتح آفاق اكبر للتمويل الخارجي.
وسيفضى التصنيف الجديد إلى صعوبات كبيرة ستواجه المتعاملين الاقتصاديين مع الخارج في ظل الصورة التي يقدمها هذا التصنيف والتي تتسم بإمكانية التخلف عن سداد الديون إلى جانب تعطيل العملية الاقتصادية بفعل صعوبات النفاذ إلى التمويل.
وستتأثر تدفقات الاستثمارات الخارجية الوافدة على تونس بفعل الترقيم السيادي لتونس إلى جانب وجود إمكانية تراجع سعر صرف الدينار مقابل العملات الأخرى من خلال بيع الدينار التونسي لشراء عملات أكثر قوة.
ويأتي تصنيف “موديز” ، في وقت لاتزال فيه تونس تنتظر إدراجها مجددا على قائمة اجتماعات مجلس إدارة صندوق النقد الدولي لتمكينها من الحصول على قرض بقيمة 9ر1 مليار دولار لمدّة 48 شهرا من اجل مساندة السياسات الاقتصادية للبلاد.
ويخوض الاتحاد العام التونسي للشغل حاليا مع شركاء له من المجتمع المدني حوارا لصياغة مشروع وطني سيتمّ عرضه على السلطة “لإنقاذ” البلاد في وقت تستعد فيه البلاد لتنظيم للدورة الثانية من الانتخابات التشريعية الأحد 29 جانفي 2023
وكانت رئاسة الجمهورية، نفت يوم 24 جانفي 2023، توقيع رئيس الجمهورية قيس سعيد على أي وثيقة تتعلق بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي وذلك بمناسبة مشاركة الوفد التونسي في الدورة الأخيرة لمنتدى دافوس.
وتؤكد الحكومة على لسان وزيرة المالية، سهام نمصية، أنّ الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء بخصوص حصول تونس على قرض في إطار آلية تسهيل الصندوق الممدد لا يزال قائما وفق تصرحات أدلت بها يوم 10 جانفي 2023