أوضح التقرير الصادر عن محكمة المحاسبات والمتعلق بنتائج مراقبة تمويل الحملت الانتخابية للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها والانتخابات التشريعية لسنة 2019 عن تفاصيل تعاقد المرشح نبيل القروي مع شركة ضغط أجنبية، خلال الحملة الانتخابية الرئاسية.
وأشار تقرير محكمة المحاسبات أنّه تمّ تحويل جزء من قيمة العقد بمبلغ 427,5 أ.د بتاريخ 23 سبتمبر 2019 من الحساب البنكي غير المصرح به لدى البنك المركزي التونسي الراجع لزوجة المترشح والقائمة على حملته الانتخابية. وأفرزت الأعمال الرقابية أنّ المبلغ الذي تم تحويله لفائدة الشركة الأجنبية لم يكن مصدره تونسيا.
رقابة على العمليات المالية
قصد التأكد من مشروعية مصادر تمويل الحملة الانتخابية الرئاسية تولت المحكمة إجراء رقابة على العمليات المتصلة بتمويل الحملة الانتخابية للمترشحين انطلاقا من كشوفات الحسابات البنكية والبريدية الوحيدة المفتوحة للغرض والمودعة من قبل المترشحين لديها وتقييم المخاطر وإجراء تقاطعات مع البيانات المستقاة من البنك المركزي التونسي والبريد التونسي واللجنة التونسية للتحاليل المالية والقطب القضائي الاقتصادي والمالي والوكالة الفنية للاتصالات.
كما تولت المحكمة في إطار الصلاحيات المخولة لها بموجب القانون الأساسي عدد 41 لسنة 2019 المؤرخ في 30 أفريل 2019 والمتعلق بمحكمة المحاسبات وبالقانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء مراسلة عدد من المؤسسات البنكية للحصول على تفاصيل العمليات المالية والحسابات الشخصية للمترشحين ومقاربتها مع المعطيات المتوفرة لديها.
وثائق ووقائع
وقد اتّضح من خلال الأعمال الرقابية المنجزة وفحص الوثائق التي تحصلت عليها محكمة المحاسبات ومعاينة الموقع الالكتروني لوزارة العدل الأمريكية وفحص الوثائق المدرجة به وجود قرائن متضافرة حول تعاقد أشخاص وأحزاب مترشحة إلى الانتخابات 2019 سواء بصفة مباشرة أو لفائدتهم مع شركات أجنبية قصد الضغط وكسب التأييد تتقاطع مدد تنفيذها مع الفترة الانتخابية.
وفي هذا الإطار تفيد الوقائع التي تم الوقوف عليها من خلال الأعمال الرقابية إبرام عقد تأييد مع شركة ضغط أجنبية (Dickens and Mason) بتاريخ 19 أوت 2019 بقيمة حوالي 2,85 م.د (1 مليون دولار أمريكي) لفائدة المترشح للانتخابات الرئاسية نبيل القروي لغاية تمكينه بصفته مترشحا للانتخابات الرئاسية خاصة من كسب التأييد من قبل الهياكل والمنظمات الدولية وعقد لقاءات مع الرئيس الأمريكي وكبار المسؤولين الأمريكيين قبل تاريخ الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية.
ولتنفيذ بنود هذا العقد تم خلاص جزء من قيمته بمبلغ 712,6 أ.د (250 ألف دولار أمريكي) ثبت للمحكمة من خلال أعمال التقصي التي قامت بها أنه تم تحويل جزء منه بقيمة 427,5 أ.د (150 ألف دولار أمريكي) بتاريخ 23 سبتمبر 2019 من الحساب البنكي غير المصرح به لدى البنك المركزي التونسي والمفتوح لدى بنك HSBC الشرق الأوسط بدبي والراجع لزوجة المترشح للانتخابات الرئاسية والقائمة على حملته الانتخابية.
كما أفرزت الأعمال الرقابية أن المبلغ الذي تم تحويله لفائدة الشركة الأجنبية لم يكن مصدره تونسيا حيث أكد البنك المركزي التونسي ضمن مراسلته المؤرخة في 11 ديسمبر 2019 أنه لم يتم تسجيل أي عملية تحويل أموال تعود للمعنية بالأمر إلى الخارج من قبل الوسطاء المقبولين لديه وأنه لا يتوفر لديه معلومات تفيد حيازتها لحسابات بنكية بالعملة الصعبة بالخارج.
وفي إطار تأكيد نتائج أعمالها الرقابية تولت المحكمة التحقيق في شأن هذا العقد وذلك بمعاينة الموقع الالكتروني الرسمي لوزارة العدل الأمريكية وإجراء اختبار فني عليه من قبل الوكالة الفنية للاتصالات التي أفادت بأن اسم المجال الخاص بالموقع المذكور مسجل باسم وزارة العدل الأمريكية.
كما تولت المحكمة في إطار صلاحيتها القانونية عقد جلسة عمل بتاريخ 4 جوان 2020 بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي والاطلاع على محاضر البحث التي تتقاطع مع شبهة التمويل الأجنبي والتحري لدى البنك المركزي التونسي واللجنة التونسية للتحاليل المالية حول المعاملات المالية التي قد تكون في علاقة بتنفيذ هذا العقد.
وقد انتهت الفحوصات إلى التأكيد بأن الموقع الالكتروني الذي نشر به العقد هو رسمي لوزارة العدل الأمريكي وموثوق به وأن المعطيات المدرجة به لها قوة ثبوتية بما في ذلك العقد المذكور أعلاه وتعتبر صحيحة ما لم يثبت إلغاؤها وأن مصادر تمويله يمكن أن تكون أجنبية على معنى أحكام القانون الانتخابي وباعتبار أن موضوع العقد وتقاطع فترة تنفيذه مع الحملة الانتخابية قد يؤثر بصفة حاسمة في إرادة الناخبين ستتولى التشكيلات القضائية بالمحكمة التعهد بالتحقيق في شبهة التمويل الأجنبي للبت في الموضوع والنظر في انجرارات ذلك على تمويل الحملة الانتخابية للمترشح.