اقتحمت المرأة كافة مجالات العمل بما في ذلك عالم التجارة، وباتت تدير أكبر المتاجر والمؤسسات بكل جدارة لتبرهن مرة أخرى انها قادرة على النجاح في اي توجه تختاره، وتثبت من خلاله ذاتها، لذلك يقع في الاحتفال باليوم العالمي للمراة في الثامن من شهر مارس من كل عام، تكريم إنجازاتها وتخليد تضحياتها، وخاصة دورها الأساسي في الحياة، واثبات أحقيتها في العدل والمساواة مع الرجل.
فاطمة المحواشي، أول امرأة تاجرة في السوق البلدي بولاية سليانة، ستينية، نجحت في اقتحام مجال لطالما بقي حكرا على الرجال، فولجت إلى عالم الأسواق اليومية لبيع الخضر والغلال، كفاح يومي من أجل لقمة عيشها هي ووالدتها التي تهتم بها.
تتوجه مع ساعات الفجر الأولى إلى سوق الجملة بتونس العاصمة، في جولة تتجاوز ال3 ساعات، بحثا عن اجود اصناف الخضر والغلال، فتلتقط الصناديق بحذر وتضعها في الشاحنة بعناية وتعود إلى مكان عملها، ومع بزوغ الشمس، تنطلق في ترتيب ما احضرته من بضاعة، انفردت في طريقة عرضها وحسن ترتيبها وتزويقها، فترصف الفاكهة الواحدة تلو الاخرى وكذلك الخضر، وتحرص على وضع الأسعار بكل وضوح، لتدعوك بشاشتها وحسن أخلاقها للاقتناء من بضاعتها.
بابتسامة صغيرة، لم تفارق وجهها الذي بدا عليه التعب، وبصوتها الجهوري، تستقبل حرفاءها منذ 36 سنة، ولا تزال تفعل بنفس الحماس والشغف والتفانى في العمل، الذى مكنها طوال هذه السنين من توفير مورد رزقها، حيث قالت في حديثها لصحفية وكالة تونس إفريقيا للأنباء، أنها امتهنت التجارة عن والدها منذ نعومة أضافرها، ففتحت في البداية محلا لبيع الدجاج، ثم سرعان ماغيرت نشاطها (بسبب تواتر إشكاليات تتعلق بتذبذب الأسعار).
ثقتها في نفسها، وإتقانها لعملها، بكل تفان وشغف، جعلها تكسّر كافة قيود المجتمع وتقتحم مهنة، كانت إلى أمد طويل حكراً على الرجال، بما تمليه على ممارسها من ضروريات مثل البنية الجسدية، وشجعها على مواصلة العمل في هذا المجال، دعم بقية التجار وترحيبهم بتواجدها معهم، فلم تواجه أي رفض أو إشكال، وكانوا خير سند وعون لها، لافتة إلى أنها فرضت احترام الجميع وباتت مشهورة جهويا ووطنيا وتتزود بما تستحقه حتى وإن كانت لا تملك نقودا.
نشيطة، ايجابية في التعامل مع الحياة، وتملك طاقة تشع من روحها، كما انها لا تخشي الصعوبات ولا تثنيها عن عملها وذلك منذ أن كانت الوحيدة التي تتوجه إلى سوق الجملة بالعاصمة، والذى بات اليوم يعج بالتجار من ولايات مجاورة، ف”المراة المحترمة يحترمها الجميع” وفق تعبيرها.
أكدت فاطمة، المرأة الكادحة، أنّ أبرز الصعوبات تتلخص في عدم توفر السلع المطلوبة وتراجع الأرباح في ظل تزايد الانتصاب الفوضوي بالشوارع والأنهج المجاورة للسوق البلدي مشيرة إلى أن الباعة المنتصبين بالسوق البلدي، مطالبون بخلاص الأداءات ومعاليم الكراء، داعية السلط المعنية الى إيجاد حل للانتصاب الفوضوي وتوفير فضاء يأويهم، كما تحدثت بالمناسبة عن عزوف تام من قبل الحرفاء خلال الموسم الجاري، عن عادات دأبوا عليها سابقا، في ظل تواصل ارتفاع الأسعار وقلة توفر عدد من المنتوجات.
بعد يوم طويل من العمل الشاق والتركيز مع الحرفاء والتعامل معهم بكل حفاوة للحفاظ على الثقة التى تربطها بهم، تعود فاطمة إلى منزلها تزامنا مع موعد غلق السوق البلدي في الخامسة مساء، فتواصل مهمتها كربة بيت وكجدة لحفيدتها، مع العلم وانها تشغل ايضا رئاسة الغرفة الجهوية لتجار الخضر والغلال.
قصة فاطمة المحواشي، مرآة تعكس تفاصيل حياة امرأة، أرادت فاستطاعت، أن تثبت ذاتها في ظروف صعبة، وجلبت الاحترام لها من كل من حولها، فتحدث زميلها محرز الورفلي عنها بالقول انها “امرأة بألف رجل”، وقال القصاب منجي الجندوبي إنها “امرأة مثالية وجدية، فرضت نفسها منذ، صغرها وهي خير مثال للمرأة العاملة الكادحة المثابرة”.
وات