اكيد ان حس المواطنة حضر ويحضر في سليانة حضورا تشهد به مواقف عديدة قبل وبعد الاستقلال…….بل اعتقد انها كانت الاستثناء …. تتحرك كلما خفتت اصوات الجهات الاخرى…. …واشتهرت بمحطات اجتماعية فارقة وطنيا ….نذكر منها ما اصطلح على تسميته ب ” الهجة ” الايقونية في يوم خالد تفردت به سليانة …ونذكر منها احداث تسعينات القرن الماضي حين انتفضت الاحياء الشعبية تنديدا بالتهميش والاستبداد في حراك محلي مخصوص سنوات الجمر…
واشتهرت سليانة ولا تزال كذلك بريادتها في الحراك السياسي قبل وبعد الاستقلال … من ذلك انها كانت ” يوسفية ” ودفعت الثمن غاليا …وكانت ولا تزال يسارية شيوعية تتهم وتنعت بالاصابع ” هاك البلاد اذيك …اش اسهمها “…
واشتهرت سليانة ولا تزال ايضا بريادتها الثقافية في سبعينات القرن الماضي بمسرحها اوفكرها الطلائعي….
وثمار هذه النماذج من الحر اك المركب ان سليانة تعرف بالمعارضة السياسية والحراك النقابي والنبوغ العلمي والفكري تنافس بشراسة.غيرها من الجهات ..
اذا كانت هذه بعض ملامح سليانة الحاضرة في بناء تاريخ الوطن…..فلماذا تغيب اصداؤها في الممارسة المواطنية …..لماذا يظهر المواطن السلياني مهزوزا ناقما حد الاستسلام والاستهتار وربما المناورة…..اليس من المفروض ان يفخر السلياني بهذا الارث الكبير الذي وضع اكثر من لبنة في بناء الدولة …
ان المقارنة بين دور سليانة التاريخي في بناء تونس وواقع سليانة اليوم تصيبنا بالاحباط وتكشف لنا وضع عبثيا بامتياز …
وتبدو حكاية سليانة اشبه بحكاية الملك اوديب الذي لم ” ترحمه الالهة قط “…..تبدو وكانها محكوم عليها بان تعطي دون مقابل …بل وتعاقب شر عقاب …
فمن المسؤول عما جرى ويجري في سليانة….
تعودنا ان نحمل السلطة الحاكمة مسؤولية ازمتنا…ونعود لمواقعنا نترشف الشاي ونلعب الورق .. اختار بعضنا طريق المناورة والبيع والشراء عساه ياخذ ما يريد……في حين اختار البعض الاخر المقاومة القطاعية سبيلا لافتكاك بعض الحقوق…..واختار اخرون الافتكاك السياسي لمواقع في الحكم تنفع البلاد…
كثيرة هي الخيارات والتجارب التي عشناها ولا نزال في سليانة بحثا عن الخلاص الموعود…
ولكن دون جدوى…..
وجات ازمة كورونا لتكشف فشل هذه التجارب ….
جاءت كورونا لتقدم الجواب……جاءت لترجعنا الى ذواتنا …
وتطرح علينا السؤال المنهجي الغائب في خياراتنا ….
كيف تريدون تغيير واقعكم …وانتم مراة مهشمة تناثر زجاجها وما عادت تنير السبيل ..
حدثوني عن المواطن في بلدكم ….بل هل انتم مواطنون كما تزعمون..
هذه اسئلة موجعة نتحاشى طرحها ….ونؤجلها الى حين تصفية حساباتنا القديمة وفي اذهاننا ان البلد ارث نتنافس قي قسمته ….
عصارة الكلام اننا مارسنا ولا نزال المواطنة في مجالاتها المركبة …وحاولنا دون حساب قلبا وعقلا وجسدا …ولكن كانت الثمار مرة اكثر من مرة….
وعدنا الى المربع الاول…نحن مواطنون …
تاريخنا مجيد….وحاضرنا مؤلم….
وعلينا ان نعيد بناء مواطنتنا ….وان نتشارك في اعادة البناء …اذا اردنا للخلاص سبيلا من اجل اجيالنا القادمة …
بقلم مختار الزريبي