بقلم مختار الزريبي : مقاربة في فهم سليانة والراهن

لعل لي من العمر والتجربة ما يسمح لي بابداء رايي المتواضع حول بعض خصوصيات سليانة في هذه الظروف الصعبة جدا ذات التاثير الكبير على جميع المستويات قريبها ومتوسطها وبعيدها…

ولا شك ان لسوكنا المواطنين دوره الحاسم في نحت صورة سليانة ما بعد كورونا …فقد تنهض من وجع الدمار الهائل …وقد تغرق في التخلف اكثر من اي وقت مضى…اما ان تبقى على ما هي عليه الان فذاك غير ممكن لان الكارثة تتفاقم على طاولة متحركة وتغيرت او بدات تتغير اشياء كثيرة يصعب تلمس اثارها الان…

سليانة لن تعود كما كانت قبل كورونا…فالى اين تسير …ليس السؤال رجما بالغيب …وليس قفزا تفلسفيا بهلوانيا ….وليس طرحا فكريا متعقلاسابقا لعصره …ليس هذا ولا ذاك …با هو ابسط مما نتصور في سياقه الاجتماعي الانتروبولوجي وهو سؤال مشروع لكل مواطن في سليانة..

اذا كنا نشكو التهميش والتفقير ..اليست كورونا فرصة لبناء سليانة جديدة على انقاض سليانة الموبوءة الان ….اكيد انننا سندفع غاليا ثمن استهتارنا بالبروتوكول الصحي…ويكفي ان نعود ونقارن بين حالنا خلال وبعد موجة كورونا الاولى..كنا افضل ولاية ..ولم يكن ذلك لقوة امكانياتنا المالية والاجتماعية والعلمية…

بل كان لاسباب عديدة منها اننا ولاية ريفية تتمير بنقاء هوائها وتقاليدها الغذائية وقلة سكانها ..وقد شهدنا نزوحا عكسيا جعلنا قبلة المقاومين لكورونا…فما الذي حدث مع الموجة الثانية لكورونا التي نعيشها بصمت رهيب …

ما الذي حدث والارض هي الارض…والمواطن هو المواطن …والهواء هو الهواء ..هذا السؤال يطؤح بدوره سؤالا اخر مفتاحا للجواب …اذا كانت الحال هي ذاتها ارضا وهواءا وتغذية ومواطنا….فمن انقذنا في الموجة الاولى…وغاب في هذه الموجة الثانية …لمن يعود فضل المقاومة …اكيد ان للطبيعة الجغرافية وللتشكيل المعماري والعمراني دورا حاسما في المرحلة الاولى …وهذا يعني انها صاحبة الفضل في المقاومة وتقف في الصف الاول….وهذا يعني ان كورونا لم تجد في سليانة تربتها الخصبة في بداية الحرب….

كنا مستهترين ولكن الطبيعة كانت تقاوم بدلنا …وتحملت نزوح الكثيرين ..والان لم تعد هذه الطبيعىة قادرة على المواجهة بمفردها وقد انخرط مواطنو سليانة في الحرب ضدها الى جانب كورونا …وان كانت الطبيعة لا تزال تقاوم في بعض ارياف الجهىة ..والدليل في ذلك ان خطورة الوضع حاضرة اكثر في المناطق الاكثر سكانا وحركة…اذن من يتحمل مسؤولية هذا الوضع الكارثي …

اعتقد ان المواطن يظل المسؤول الرئيس عما يحدث…وانه خان مرتين في حرب كورونا…خان الطبيعة التي منحته درع مقاومة ولم يعضد مجهودها….وخان كيانه المهزو م وقد جاءته فرصة للقطع مع الياس والاستهتار مقابل تحمل مسؤولية التنمية المستدامة …

ويكفي ان نقارن في هذا السياق بين الوضع في مناظق مكتظة بالسكان وملوثة في جهات اخرى وسليانة عموما ..فكيف تبدو الحال في الراهن ..طبيعة قاومت وبدات تفشل …ومواطنون يزدادون استهتارا … وكورونا يرتع كما يشاء ..هذه حالنا في سليانة…حال كارثية يتحمل مسؤوليتها كل مواطن فرد …

هذه المسؤولية الفردية اخر سلاح للمقاومة والنصر لانقاذ ما يمكن انقاذه من اجل استمرار الحياة للاجيال القادمة والحال ان اصحاب القرار منشغلون بالاقتصاد على حساب الصحة…وان محاولاتهم توعية المواطن فاشلة بالضرورة لان الوعي في مثل هذا الظرف يجب ان يفرض فرضا بالقوة فالحرب مدمرة على المهزوم …

وهذا التمشي او الخيار المطالب بفرض تحمل المسؤولية الفردية في تطبيق البروتوكول الصحي اضعف الايمان تعاضده اجراءات صارمة تختار صحة الانسان قبل جيبه ..باعتبار الانسان هو صانع المال في سياق المفاضلة بينهما …عصارة الكلام ..ان سليانة كانت لتكون الاستثناء لو تدربت على تعلم الوعي والمسؤولية لحظة الازمات …وهي لحظة التحرر …لحظة الاختيار…والالتزام ..

و( لو ) الشرطية قاتلة في سليانة …فكيف لنا ان نكون كما يفترض ان نكون ولحظات التنوير في تاريخنا جهد سلياني نصنعه ونسلمه للاخر….و( لو ) هذه تتطلب تاسيس مفهوم وقيمة المواطنة شرطا لنحت الكيان وبناء المستقبل …

بقلم مختار الزريبي

Related posts

الشركة الجهوية للنقل بسليانة..إستئناف نشاط السفرات بين سليانة و المنستير

سليانة: تقدم بـ19% في بذر الحبوب وبـ88% في الأعلاف

كسرى: السيطرة على حريق بمصب الفضلات