سليانة: “الكينوا” أو غذاء المستقبل وطعام الأحلام..زراعة مستدامة تستوجب التعميم والتثمين في بلادنا

تقف نبتة “الكينوا” شامخة مرتفعة تزيّن الحقول، متراقصة في تمايل على حواشي الطرقات مع كلّ هبّة رياح، تخالها الأنظار أزهارا فتؤسر بألوانها الأصفر الفاقع والوردي والأخضر، هي نبتة وافدة حديثا على حقول بلادنا وغير مألوفة لدى عامة الناس يتجاوز حجمها أحيانا نبتة القمح، ويرجع أصل تسميتها “الكينوا” إلى موطنها بجبال الأنديز في أمريكا الجنوبية، أين يطلق عليها باللهجة المحلية “كيشوا”، كما يعتبرها المختصون غذاء المستقبل ويطلقون عليها اسم “الحبة العجيبة” …
تمثّل “الكينوا” زراعة مستدامة ومناسبة للبيئة، فهي نبتة غنية بالفيتامينات والمعادن إلّا أنها ليست بديلا للقمح بل تعتبر مكمّلا له، كما تحتوي على جميع الأحماض الأمينية الضرورية وتعدّ بروتيناً كاملاً، ولكنها أسهل كثيراً في هضمها من بروتينات اللحوم، وهي من حبوب الطاقة الغنية بالألياف والمغذيات الطبيعية التي تزوّد الجسم بالطاقة، وتعتبر أيضا طعاما مناسبا لمن يعانون من حساسية الغلوتين لأنها خالية من الغلوتين ويستخرج منها حليب الكينوا لمن يعانون من حساسية اللاكتوز في حليب البقر.
وتزدهر “الكينوا” في مواقع غير صالحة للمحاصيل الزراعية كالقمح، حيث تنمو في ظروف صعبة من بينها التربة عالية الأملاح ودرجات الحرارة المنخفضة، كما لا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه والأسمدة الكيميائية وتتطلب مساحة صغيرة مقارنة بالأرز والقمح والذرة، حيث تنمو في المناطق ذات الطقس الجاف والمعتدل في أمريكا الجنوبية، وتزرع في بعض مناطق أفريقيا وآسيا و في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا وعدد من البلدان العربية بما فيها تونس.

 سريعا وتراوح الانتاج العالمي بين 2 و2.5 مليون قنطار (حوالي 220 ألف طن) في المقابل لايزال الإنتاج الوطني ضعيف جدا في انتظار تطوير المساحات المزروعة وتزايد الطلب على زراعتها، معتبرا أيّاها زراعة المستقبل حيث تستند على أراض مزروعة في السابق زياتينا أو لوزا.
و”الكينوا ” من الأغذية ذات المنافع المتعدّدة وينصح بها في الوقاية والعلاج وتوجّه لفئات معينة من بينهم مرضى الأبطن أو ما يعرف بـ”السيلياك” وفقر الدم والنساء الحوامل والمرضعات، كما يطلق عليها في الدول الأوروبية “طعام الأحلام” لاحتوائها على نسبة 16 بالمائة من البروتيين وعدد من الأحماض الأمينية، وتدرج في حمية رواد الفضاء ضمن مكوّنات فطور الصباح، ورغم ذلك فإنّ الإقبال عليها مازال محتشما خاصة وأن أسعارها لا تزال باهضة سواء وطنيا أو دوليا، وفق ذات المصدر.
وأشار إلى أن الكميات الموردة من ” الكينوا “في تونس تقدر بحوالي 8 أطنان، فيما لايتجاوز الإنتاج الوطني طنيّن اثنين، ليظل بذلك سعرها مرتفعا في حدود 54 دينارا للكيلوغرام الواحد.
وعن مراحل طهيها و تحضيرها، أفاد المرواني بأنه يجب غسلها بالماء عدة مرات لاحتوائها على مادة الصابونيين المرّ المذاق، ثم طهيها لمدة 20 دقيقة (معدل كأس كينوا يقابله كأسين من الماء) إلى غاية بروز الجنين.
من جهته، ثمن رئيس مكتب الزراعات الكبرى بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بسليانة، محمد طاهر عزوز، تجربة زراعة “الكينوا” بالجهة في ظل اّلتغيرات المناخية التي شهدتها البلاد التونسية عامة وولاية سليانة خاصة والتي صنفت كمنطقة مجاحة بنسبة 100 بالمائة.

وقال إنها “زراعة جديدة تستوجب تعميمها وتوسعة ممارستها خاصة أنها لا تتطلب كميات هامة من الماء(الري)، ويمكن تستخدم كعلف أو تستعمل في الطهي (أوراقها شبيهة بالسبانخ، مشدّدا على أهميّة إدراجها في الدورات الزراعية لما لها من فوائد عديدة”، وفق تعبيره.
وعلى ضوء ما تحتويه “الكينوا” من منافع وفوائد إلى جانب تعدّد مجالات استعمالها وتأقلمها مع التغيرات المناخية وتلبيتها حاجيات الفلاح، أصبح من الضروري أن تشجّع وزارة الفلاحة والهياكل المتدخلة على زراعتها.

-تحرير أميمة العرفاوي –

Related posts

الشركة الجهوية للنقل بسليانة..إستئناف نشاط السفرات بين سليانة و المنستير

سليانة: تقدم بـ19% في بذر الحبوب وبـ88% في الأعلاف

كسرى: السيطرة على حريق بمصب الفضلات