نشر موقع “ميديا بارت” (Mediapart) الفرنسي مقالا للنائبة بالبرلمان الأوروبي مانون أوبري، انتقدت فيه تنامي مشاعر الكراهية والعداء ضد المسلمين منذ حادثة قتل مدرس فرنسي الأسبوع الماضي على يد مهاجر شيشاني شاب، وقالت إن البعض استغل تلك الحادثة لاستهداف مبادئ الديمقراطية وتقسيم فرنسا.
ودعت أوبري -في مقالها المنشور بقسم المدونات بالصحيفة- إلى التصدي للهجمات التي تستهدف ما يسمى بالإسلام الراديكالي، وقالت إن تلك الهجمات يتم تنسيقها بشكل مباشر من قصر الإليزيه بدعم من اليمين المتطرف، ولا يقدم المتصدرون لها تعريفا واضحا للإسلام الراديكالي، كما لا يمتلكون أهدافا أو خطابا واضحا، وجل ما يسعون إليه هو زرع الشك وتشويه الغير بهدف نشر الخوف والتصدي لأي انتقاد لخطاب وسياسات الحكومة.
وانتقدت العديد من التصريحات بهذا الشأن التي صدرت عن شخصيات سياسية فرنسية بارزة، ودعت للرد عليها؛ مثل تصريح وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد درمانين، الذي ادعى أن بيع المنتجات الحلال في المحلات يؤدي إلى التطرف الديني، وادعاء وزير التعليم الفرنسي، جون ميشيل بلانكير، بأن الجامعات باتت مرتعا للمدرسين الإسلاميين المتشددين، ومارين لوبان، رئيسة حزب “الجبهة الوطنية” اليميني في فرنسا، التي دعت لخروج فرنسا من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وغيرها من الهجمات الموجهة ضد ما يسمى بـ”الإسلام الراديكالي”.
وأشار المقال إلى أن جريمة قتل المدرس الفرنسي خلفت حالة من الصدمة العميقة والحزن الشديد، وأن الرد على التطورات الأخيرة التي تشهدها فرنسا يجب أن يكون جماعيا، وذلك من خلال رفض المجتمع الفرنسي الوقوع في فخ التقسيم، والتمسك بقيم الوحدة في وجه التطرف، خاصة في هذا الوقت الذي خرج فيه المحرضون من جحورهم من أجل استغلال حالة الحداد الوطني، وإطلاق سباق عنصري للأكاذيب بدعم من حركة الجمهورية إلى الأمام وحزب الجمهوريين وحزب التجمع الوطني.
وقالت أوبري إن الحرب على الإرهاب تتطلب جملة من الوسائل البشرية والتقنية، إلى جانب التأكد من قدرة الشرطة والعدالة على القيام بمهامها بالشكل المطلوب، كما تستدعي كذلك التفكير مجددا وبشكل أشمل في الأخطاء التي ترتكبها فرنسا، والبيئة التي تسمح للمتطرفين بتجنيد الناس في ظل عقود من السياسات، التي كرست المعاناة والفقر وغياب العدالة والتمييز في بعض أوساط المجتمع.
ووفقا للمقال فإن كل من يرفض المساواة بين الإسلام والتطرف في فرنسا، ويرفض اعتبار المسلمين مشتبها بهم، وكل من يذكر بالإطار القانوني وقيم العدالة، أصبح خلال الأسبوع الجاري متهما بالتواطؤ مع الإرهاب.
وأكدت أن ما يحدث الآن يمثل سابقة في فرنسا، حيث لم يسبق في تاريخ البلد أن تم التشريع للأحكام المسبقة وخطاب الكراهية كما يحدث خلال الأسبوع الجاري من طرف الإعلام واليمين، كما لم تشهد فرنسا في السابق عنفا لفظيا كالذي تلى جريمة قتل المدرس الفرنسي.
وطالبت بوقف سيل خطاب الكراهية الموجه ضد المواطنين الفرنسيين المسلمين، الذين باتوا يعتبرون كبش الفداء في كل أزمة، منبهة إلى أن حل الجمعيات الإسلامية ينبغي ألا يتم بناء على نزوات الحكومة، التي ترغب في إرضاء اليمين المتطرف عبر توجيه هجماتها حصرا إلى مجموعة دينية معينة.
وخلصت النائبة بالبرلمان الأوروبي إلى أن الحرب على الإرهاب ينبغي أن لا تنتهك القوانين والحقوق التي استغرقت الجمهورية الفرنسية قرونا في ترسيخها والحفاظ عليها.